مع اقتراب تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2030 في كل من المغرب، إسبانيا، والبرتغال، يتعاظم الحديث حول الأبعاد غير الرياضية لهذا الحدث العالمي، وعلى رأسها التأثير الثقافي والفني الذي من المرتقب أن يطال المملكة، في ظل انفتاحها على شعوب وثقافات مختلفة، واحتضانها لأحداث كبرى ستتجاوز حدود المستطيل الأخضر.
ويعتبر العديد من الفاعلين الثقافيين أن مونديال 2030 سيمثل فرصة تاريخية لتثمين التنوع الثقافي المغربي والتعريف به على نطاق عالمي، من خلال تنظيم تظاهرات موازية في مجالات الموسيقى، السينما، الفنون التشكيلية، والموروث الشعبي.
في هذا الصدد، أكد تقرير صادر عن اليونسكو أن الأحداث الرياضية الكبرى باتت تشكل “منصات فنية وثقافية عابرة للقارات”، موضحاً أن تنظيم المغرب لجزء من المونديال سيمكنه من الترويج لتراثه غير المادي كـ”فن كناوة” و”الطبخ المغربي” و”الصناعات التقليدية”، والتي تمثل في حد ذاتها عناصر جذب ثقافي.
من جهته، يرى الباحث في السياسات الثقافية، إدريس البوحسيني، أن “مونديال 2030 سيُحرك الدينامية الثقافية في المدن المستضيفة، ويعيد إحياء مفاهيم التلاقي الحضاري من خلال الثقافة والفن، خصوصاً مع التدفق المنتظر للزوار والبعثات الإعلامية والفنية من مختلف أنحاء العالم.”
وتستعد وزارة الشباب والثقافة والتواصل، بتعاون مع مؤسسات دولية، لإطلاق سلسلة من المبادرات الإبداعية المرتبطة بالمونديال، تشمل إقامة معارض فنية دولية، وتنظيم مهرجانات موسيقية مفتوحة، وورشات تبادل ثقافي بين فنانين مغاربة وأجانب، في خطوة ترمي إلى جعل كرة القدم جسراً للثقافات.
كما أن البنية التحتية المرتبطة بالمونديال، من مسارح وساحات حضرية، ستوفر فضاءات جديدة لاحتضان فعاليات ثقافية دائمة بعد نهاية البطولة، ما يُمكن أن يسهم في إعادة توزيع النشاط الثقافي بشكل أكثر عدالة بين مختلف جهات المملكة.
ويذهب مراقبون إلى اعتبار هذا الحدث فرصة للمغرب لإبراز صورته كبلد يزاوج بين الأصالة والانفتاح، ويملك قدرة على توظيف الفعل الثقافي كقوة ناعمة، في عالم تتعاظم فيه أهمية التأثير الرمزي والفني.
ومع كل ذلك، يبقى التحدي قائماً في تدبير التنوع، وبلورة محتوى ثقافي يعكس الهوية المغربية دون الانغلاق، ويتيح الحوار الحضاري الحقيقي مع ضيوف العالم.
المصدر : فاس نيوز ميديا