خلافاً للتوترات الملاحظة بين باريس والجزائر، شهدت العلاقات بين العاصمة الفرنسية والرباط تعزيزاً ملحوظاً. وقد استقبل وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتيليو، نظيره المغربي، عبد الوافي لفتيت، اليوم الاثنين بالرباط، في اجتماع عمل حضره مسؤولون رفيعو المستوى من البلدين.
واستعرض الوزيران القضايا ذات الاهتمام المشترك وآفاق تعزيز التعاون الثنائي، وذلك في انسجام تام مع إعلان الشراكة الاستثنائية المعززة، الذي وقعه الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارة الدولة في أكتوبر 2024، وفقًا لوزارة عبد الوافي لفتيت.
كما شكل الاجتماع فرصة لتقييم شامل لنتائج التعاون الأمني والهجرة. ويؤكد هذا اللقاء الديناميكية الإيجابية في العلاقات الفرنسية المغربية، خاصة في مجال الأمن.
الدور المحوري لعبد اللطيف الحموشي
وقد خصصت إذاعة “أوروبا 1” الفرنسية العامة، في هذا السياق، تقريراً صباح اليوم الاثنين حول التعاون الأمني بين المغرب وفرنسا الذي يصمد أمام تقلبات السياسة الخارجية للبلدين، وبشكل رئيسي الدور المحوري الذي يلعبه عبد اللطيف الحموشي في هذا الصدد.
ويلعب المدير العام للأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني، المقرب من الملك محمد السادس، دوراً حاسماً في الحفاظ على الروابط الأمنية مع فرنسا.
تعاون مستمر دون انقطاع
أشارت الإذاعة الفرنسية إلى أنه حتى عندما مرت العلاقات الدبلوماسية بين فرنسا والمغرب بفترات صعبة، فإن تبادل المعلومات المتعلقة بالإرهاب لم يتوقف قط.
وكمثال ملموس على هذا التعاون، ذكرت الإذاعة هجمات باتاكلان عام 2015: “عندما كانت العلاقات بين فرنسا والمغرب متدهورة، فقد شارك مع ذلك معلومات مع باريس حول الإرهاب. وفي عام 2015، قدمت الأجهزة المغربية معلومات حاسمة لتحديد مكان عبد الحميد أباعود، الإرهابي الذي كان يقود المجموعة”. وقد أبرز هذا تبادل المعلومات الحيوية متانة الروابط الأمنية بين البلدين.
وتابعت الإذاعة: “حتى خلال الفضيحة المحيطة ببرنامج التجسس بيغاسوس، لم يتوقف التبادل بين الشرطة المغربية والفرنسية قط”. وتظهر هذه الواقعة مرونة وعمق التعاون بين البلدين، متجاوزاً حتى الخلافات الدولية الكبرى.
شراكة أكاديمية ومهنية
يتعلق جانب آخر من التعاون الفرنسي المغربي بتدريب مفوضي الشرطة. ويتم تخصيص العديد من المقاعد في برنامج تدريب المفوضين الفرنسيين خصيصاً للمرشحين المغاربة. وتعمل هذه الأكاديميات كمنصة لتعزيز الروابط المهنية مع تبادل أفضل الممارسات وتقنيات حفظ النظام.
أصبح التبادل بين قوات إنفاذ القانون المغربية والفرنسية يومياً تقريباً. وتشهد على ذلك أمثلة حديثة مثل تدريب 12 عنصراً من الوقاية المدنية المغربية الأسبوع الماضي من قبل خبراء فرنسيين في تقنيات البحث عن الأشخاص. ولا يؤدي هذا التدريب إلا إلى تعزيز التعاون وفعالية فرق البلدين في المهام الحساسة.
يتميز التعاون بين باريس والرباط بفعاليته وثباته، حتى في سياقات دبلوماسية متوترة أحياناً. ويُعد دور عبد اللطيف الحموشي والتعاون المتزايد في تدريب الشرطة مثالين جيدين على هذه الديناميكية الإيجابية. ومن خلال العمل المشترك في قضايا الأمن والهجرة، تثبت فرنسا والمغرب أن شراكتهما تظل أولوية، وتقدمان مثالاً للتعاون الدولي الناجح.
عن موقع: فاس نيوز