سلطت فعاليات الدورة الثالثة من معرض “جيتكس إفريقيا المغرب”، المنعقدة بمراكش، الضوء على الدور المحوري للتكنولوجيا في تحقيق فلاحة مستدامة وضمان الأمن الغذائي في القارة الأفريقية. وجاء ذلك خلال جلسة نقاش معمقة استعرضت أثر الحلول الرقمية المبتكرة في تحسين إدارة الموارد الزراعية، وزيادة الإنتاجية، وتقليل الأثر البيئي، بهدف بناء أنظمة فلاحية مرنة وقادرة على مواجهة تحديات انعدام الأمن الغذائي وتعزيز النمو الاقتصادي الشامل على مستوى القارة.
وفي هذا السياق، أكد رضوان بلفقيه، المدير العام لشركة “ديلويت كونساي فرنسا”، على الأهمية المتزايدة لتكنولوجيا الزراعة (Agritech) في ظل التحديات الاقتصادية والبيئية التي يواجهها القطاع الفلاحي. ووصفها بأنها أصبحت أداة للسيادة الوطنية، تساهم بشكل فعال في تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي للدول الأفريقية.
واستعرض بلفقيه مجموعة من التقنيات الحديثة التي بدأت بالفعل في إحداث تحول في الممارسات الزراعية، بما في ذلك الزراعة الدقيقة، واستخدام الطائرات بدون طيار (الدرونز)، وأجهزة الاستشعار الذكية، وأنظمة المراقبة الآلية. وأوضح أن هذه التقنيات تساهم في تحسين الإنتاجية بشكل ملحوظ مع الحفاظ على جودة التربة واستدامتها.
كما شدد على الدور الحيوي للذكاء الاصطناعي في “استباق واستخدام البيانات المنظمة لاتخاذ قرارات مستنيرة وتحسين جودة المحاصيل”. ودعا إلى ضرورة تطوير وسائل تكنولوجية قادرة على تقديم حلول قياسية تعزز الإنتاج الزراعي وتحترم البيئة في إطار من الاستدامة والاستقرار على المدى الطويل.
من جانبه، أكد محمد فكرات، رئيس مجلس الإدارة الجماعية للقرض الفلاحي، على الأهمية الكبيرة التي توليها المؤسسة للتكنولوجيات الحديثة في تطوير أدائها وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمزارعين والفاعلين في القطاع الزراعي.
وأوضح فكرات أن “التكنولوجيات الجديدة تمكننا أيضاً من المضي قدماً في مجال الزراعة الدقيقة، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في إدارة العمليات الزراعية على مستوى الوحدات الإنتاجية، لقياس مستويات الرطوبة واستخدام المياه والأسمدة بكفاءة، بالإضافة إلى استخدام الطائرات بدون طيار للتحكم في الري وتتبع أنشطة المزارع”. وأكد أن تكنولوجيا الزراعة تحمل في طياتها وعداً بتحقيق إنتاجية أعلى وأداء أفضل للقطاع الفلاحي بشكل عام.
بدوره، أشار خالد سفير، المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير، إلى الدور الذي يلعبه الصندوق كشريك استراتيجي لعدة قطاعات وزارية، بما في ذلك وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، في تحقيق الأمن الاستثماري والربحية من خلال إدارة صناديق التقاعد.
وقال سفير: “لقد حددنا مع هذه القطاعات الوزارية عدداً من الفرص التي تندرج في إطار الاستراتيجية الوطنية والأولويات المرتبطة بالمرونة تجاه التغيرات المناخية والاستدامة والنجاعة التي تسمح بتوفير دخل للفلاحين الصغار”.
وفي هذا الإطار، أكد أن صندوق الإيداع والتدبير يعمل أيضاً على تمويل مشاريع التكنولوجيا الجديدة التي تقودها شركات ناشئة متخصصة في مجال التكنولوجيا الزراعية، بهدف تمكينها من تطوير حلول مبتكرة تخدم الفلاحة المغربية والأفريقية، وبالتالي تعزيز السيادة الغذائية على المستوى القاري.
وتتميز الدورة الثالثة من “جيتكس إفريقيا المغرب”، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، ببرنامج حافل يشمل ندوات قطاعية متنوعة، ومبادرات مبتكرة في مجال الصناعات الإبداعية، ومنتديات للتواصل المهني تهدف إلى تحقيق قيمة مضافة عالية للمشاركين.
ويعد هذا الحدث خطوة مهمة نحو تعزيز مكانة المملكة كمنصة إقليمية رائدة للابتكار الرقمي في أفريقيا، حيث يستقطب المعرض سنوياً أبرز الفاعلين في قطاع التكنولوجيا لبحث قضايا التحول الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والابتكار على مستوى القارة.
عن موقع: فاس نيوز