أكد الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، محمد أوزين، أن المغرب لم يعد يعيش مجرد حالة “تغوّل” للسلطة، بل وصل إلى مستوى أخطر يتمثل في “الافتراس”. وأشار إلى أن مبادرة الأغلبية البرلمانية لتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول ملف دعم استيراد الأغنام، تمثل لحظة مفصلية ستحدد ما إذا كان البرلمان يمثل الشعب حقًا أم يخضع لنفوذ لوبيات المصالح.
ووجه أوزين حديثه بشكل خاص إلى حزب الاستقلال، المشارك في الحكومة، داعيًا وزرائه ونوابه إلى التوقيع على عريضة تشكيل اللجنة. وتابع قائلاً: “مددنا أيدينا للاستقلاليين، وننتظر منهم اتخاذ موقف واضح، لا يمكنهم الاختباء خلف الشعارات… فإما أن يتقوا الله فعلاً في المغاربة كما قال أمينهم العام، أو أنكم تمارسون دغدغة للعواطف لا غير”.
وكان نزار بركة، وزير التجهيز والماء والأمين العام لحزب الاستقلال، قد أثار جدلاً بتصريحات سابقة دعا فيها إلى “تقوى الله في المغاربة”، منتقداً استمرار ارتفاع الأسعار، وهو ما فُهم منه معارضة لسياسات حكومية يشارك فيها حزبه، مما زاد من حدة النقاش السياسي حول مدى الانسجام الحكومي.
جاءت تصريحات أوزين خلال مشاركته في ندوة سياسية نظمها المعهد العالي للتدبير بالدار البيضاء، تحت عنوان: “المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟”.
وأوضح أوزين أن المعارضة الحالية لا تملك العدد الكافي لتفعيل هذه اللجنة، التي يشترط الدستور لتشكيلها طلبًا من ثلث أعضاء مجلس النواب (أي 132 عضواً)، بينما لا يتجاوز عدد نواب المعارضة والمستقلين مجتمعين 101 نائب. وقال: “نمنح اليوم الفرصة لأحزاب الحكومة لتثبت، هل هم نواب أمة أم نواب حكومة؟ هل يدافعون عن الشعب أم عن لوبيات مرتبطة بمصالحهم؟”.
وفي هذا السياق، شدد أوزين على أن ما يحدث ليس مجرد فشل في التنسيق الحكومي، بل “فقدان كلي للانسجام”، مضيفاً: “العيب ليس في المعارضة التي تختلف حسب مرجعياتها، بل في الأغلبية التي يفترض أن تجمعها تعاقدات واضحة تفرض الانسجام والتضامن”.
واعتبر أن تفعيل آلية لجنة تقصي الحقائق الدستورية أصبح ضرورة ملحة، خاصة بعد مرور أكثر من عقد ونصف على آخر لجنة تم تشكيلها عام 2010 عقب أحداث “أكديم إيزيك”، مضيفاً: “هل يُعقل أن تُهمَل هذه الآلية الرقابية لأكثر من 14 سنة؟ وكأن الأمور كلها تسير في شفافية مطلقة! أين نحن من دولة المؤسسات؟ من الرقابة البرلمانية؟”.
وتطرق الأمين العام للحركة الشعبية إلى ملف دعم استيراد الأغنام والأبقار، الذي كلف خزينة الدولة ما يقارب 13 مليار درهم، دون أن يؤدي ذلك إلى خفض أسعار اللحوم كما كان متوقعاً، معتبراً أن هناك “شبهة استغلال سياسي واقتصادي لهذا الدعم، استفادت منه فئة محددة بشكل غير شفاف”. وأشار إلى أن اللجنة المقترحة ستكشف المستفيدين الحقيقيين ومدى احترام القانون في هذه العملية.
وحذر أوزين من مغبة التستر على هذه الملفات الحساسة، مشيراً إلى أن البرلمان اليوم أمام لحظة حاسمة: “إما أن نكون مع الشعب أو مع الفساد، لا خيار ثالث”. وأكد أن خيار تشكيل لجنة لتقصي الحقائق أصبح أهم من ملتمس الرقابة، الذي سبق أن فكرت فيه المعارضة قبل التراجع عنه بسبب تزامن تقديمه مع حصيلة منتصف الولاية الحكومية، لكونه يحاسب الحكومة بدل مساءلتها.
واستطرد قائلاً: “نحن لا نسائل الحكومة فقط، بل نحاسبها ونحاسب نواياها، هل نريد فعلاً محاربة الفساد، أم نطبع معه ونشرّعه بسياسات ارتجالية وغامضة؟”.
عن موقع: فاس نيوز