مع اقتراب موعد استضافة المغرب لكأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، تتسارع الجهود لتعزيز البنية التحتية للنقل لاستيعاب ملايين الزوار المتوقعين لهذا الحدث العالمي. وفقًا لتقديرات اقتصادية، من المتوقع أن يستقبل المغرب حوالي 21.6 مليون سائح خلال فترة المونديال، مما يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيطًا دقيقًا لضمان تجربة سلسة للجماهير.
رغم التقدم المحرز في تطوير البنية التحتية، يواجه المغرب تحديات تتعلق بالتنقل داخل المدن الكبرى والقدرة الاستيعابية للمطارات، التي تتعامل حاليًا مع 38 مليون مسافر سنويًا. تقارير دولية، مثل تقييم ملف استضافة مونديال 2026، أشارت إلى أوجه قصور في “الربطية”، حيث حصل المغرب على تنقيط منخفض (2.1 من 5). لمواجهة هذه التحديات، خصص المغرب ميزانيات ضخمة تصل إلى 123 مليار درهم (12.3 مليار دولار) لتطوير المطارات، بما يشمل مطارات الدار البيضاء، مراكش، الرباط، أكادير، طنجة، وفاس، مع خطط لإنشاء مطار جديد لتخفيف الضغط على مطار محمد الخامس. الهدف هو رفع القدرة الاستيعابية إلى 80 مليون مسافر بحلول 2030، وفقًا لتصريحات وزير النقل عبد الصمد قيوح أمام مجلس النواب.
في مجال السكك الحديدية، يستثمر المغرب 87 مليار درهم لتوسيع الشبكة، بما يشمل تمديد الخط فائق السرعة من القنيطرة إلى مراكش، وشراء 40 قطارًا جديدًا بتمويل إسباني بقيمة 1.1 مليار دولار. كما يجري تطوير محطات جديدة في مدن مثل فاس والدار البيضاء لتحسين تجربة المسافرين. وفي قطاع الطرق، خصصت الشركة الوطنية للطرق السيارة 28 مليار درهم لإضافة 1000 كيلومتر إلى الشبكة، لتصل إلى 3000 كيلومتر بحلول 2030، مع التركيز على مشروع مراكش-فاس عبر بني ملال. بالإضافة إلى ذلك، يعمل المغرب على تحديث الطرق الحضرية في 30 مدينة وتطوير أنظمة النقل العام مثل الترام والحافلات في الرباط والدار البيضاء، كما أعلن وزير التجهيز والماء نزار بركة.
لتسهيل تدفقات الزوار والبضائع، يتم إحداث منطقة لوجستية كبرى في إقليم النواصر بجهة الدار البيضاء-سطات، إلى جانب تطوير تجمعات صناعية في زناتة، لغديرة، وحد السوالم. هذه المشاريع، التي أوردتها صحيفة هسبريس، تهدف إلى دعم النشاط الاقتصادي المرتبط بالمونديال. لتمويل هذه الخطط، يعتمد المغرب على قروض دولية، بما في ذلك 650 مليون يورو من البنك الإفريقي للتنمية و1.1 مليار دولار من إسبانيا، إلى جانب جذب شركات عالمية من فرنسا، بريطانيا، والصين، كما ذكرت سكاي نيوز عربية. كما يشجع الخبير الاقتصادي علي الغنبوري، في تصريح لـالجزيرة نت، على تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتخفيف العبء المالي.
من المتوقع أن تساهم هذه الاستثمارات في خلق 50 إلى 80 ألف وظيفة مباشرة وغير مباشرة، وزيادة معدلات النمو الاقتصادي بنسبة 1-3%، وفقًا للمحلل يوسف سعود. كما ستعزز مكانة المغرب كوجهة سياحية عالمية، مع توقعات بتحقيق عائدات سياحية تصل إلى 120 مليار درهم بحلول 2030. ومع ذلك، تثير التكلفة الإجمالية، التي قد تتجاوز 10 مليارات دولار، مخاوف بشأن زيادة الدين الخارجي، الذي بلغ 69.2 مليار دولار في 2023. لمواجهة هذا التحدي، يوصي الخبراء بضمان الشفافية في العقود، تطوير بنية رقمية لإدارة المشاريع، وتنظيم فعاليات اقتصادية موازية لتعزيز العائدات.
من خلال هذه الجهود، يسعى المغرب لتحويل مونديال 2030 إلى فرصة لتطوير بنية النقل وتعزيز مكانته العالمية. النجاح في هذا المسعى يتطلب إدارة فعالة للموارد والالتزام بالمعايير الدولية، لضمان تجربة استثنائية للزوار وإرث دائم للمغرب.
المصدر : فاس نيوز ميديا