تُعد كأس الأمم الأفريقية من أعرق البطولات القارية في عالم كرة القدم، حيث تعكس عبر تاريخها الطويل ليس فقط تطور اللعبة في القارة السمراء، بل أيضًا التحولات السياسية والاجتماعية التي مرت بها دولها، انطلقت النسخة الأولى من البطولة عام 1957 في السودان، بمشاركة ثلاث دول فقط: مصر، السودان، وإثيوبيا. ومنذ ذلك الحين، شهدت البطولة توسعًا كبيرًا سواء على مستوى عدد المنتخبات أو الاهتمام الجماهيري والإعلامي.
و تُهيمن مصر على سجل الأبطال، حيث تُوّجت باللقب سبع مرات، أولها عام 1957 وآخرها عام 2010 في أنغولا، عندما حققت إنجازًا فريدًا بإحراز اللقب ثلاث مرات متتالية (2006، 2008، 2010). وتأتي خلفها الكاميرون بخمسة ألقاب، وغانا بأربعة، في حين حصدت نيجيريا البطولة ثلاث مرات.
و على مر العقود، شهدت كأس الأمم الأفريقية بروز أسماء خالدة في تاريخ كرة القدم، من بينها روجيه ميلا، حسام حسن، صامويل إيتو، ديدييه دروغبا، ويايا توريه، ومحمد صلاح في العصر الحديث. وقد شكلت هذه البطولة منصة لإبراز المواهب الإفريقية التي سرعان ما وجدت طريقها نحو الأندية الأوروبية الكبرى.
و تميزت البطولة أيضًا بتنوع الدول المُتوّجة، ما يعكس تنامي قوة كرة القدم في مختلف مناطق القارة، فقد تمكنت دول مثل الجزائر، تونس، زامبيا، ساحل العاج، وجنوب إفريقيا من اعتلاء منصة التتويج، ما أكسب المسابقة طابعًا تنافسيًا عاليًا.
و عرفت البطولة عدة تحوّلات تنظيمية، إذ انتقلت من نظام الدوري المصغر إلى نظام المجموعات ثم الإقصاء المباشر، كما ارتفع عدد المنتخبات المشاركة تدريجيًا، ليصل إلى 24 منتخبًا منذ نسخة مصر 2019، وهو ما ساهم في زيادة مستوى التنافس وإعطاء فرصة أكبر للدول الصاعدة.
و رغم التحديات اللوجستية والمالية التي رافقت تنظيم بعض النسخ، تظل كأس الأمم الأفريقية واجهة بارزة لكرة القدم الإفريقية، وتجسيدًا لروح التحدي والطموح لدى شعوب القارة. ومع كل نسخة جديدة، تكتب البطولة فصولًا إضافية في سجل تاريخي غني بالأمجاد والدراما الكروية، وتُبقي حلم التتويج حيًا في قلوب الملايين من عشاق الكرة الإفريقية.
المصدر : فاس نيوز ميديا