نصائح للانتقال من دور تقني إلى إداري بنجاح في المغرب

يواجه العديد من الأطر التقنية في المغرب، سواء في مجالات الهندسة، تكنولوجيا المعلومات، الصناعة، أو غيرها من القطاعات، تحديًا حقيقيًا عند الانتقال من أدوار تقنية بحتة إلى مناصب إدارية تتطلب مهارات مختلفة، تشمل القيادة، تدبير الفرق، والتخطيط الاستراتيجي. هذا التحول المهني لا يتم دائمًا بسلاسة، ما يجعل الاستعداد له ضرورة ملحة في سوق شغل مغربي يشهد تحولات هيكلية متسارعة.

وفق دراسة حديثة صادرة عن مكتب “ميرسر” للاستشارات، فإن 62% من الأطر التقنية الذين تمت ترقيتهم إلى مناصب إدارية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، من ضمنها المغرب، يواجهون صعوبات في التكيف مع متطلبات الأدوار الجديدة في السنة الأولى. أبرز التحديات تتمثل في نقص الكفاءة في مهارات التواصل، ضعف القدرة على التفويض، وصعوبة الانتقال من حل المشكلات التقنية إلى قيادة فرق متعددة التخصصات.

في هذا السياق، ينصح خبراء الموارد البشرية المغاربة بضرورة التحضير المسبق للانتقال الإداري من خلال خطوات عملية. أولا، يُوصى الأطر التقنية بالاستثمار في التكوين المستمر، لا سيما في مجالات إدارة المشاريع، الذكاء العاطفي، والتواصل الفعّال. تقول خديجة العلوي، خبيرة في تطوير الكفاءات في إحدى المجموعات الصناعية الكبرى بالدار البيضاء، إن “المهندس أو التقني الذي يطمح إلى منصب إداري يحتاج إلى تغيير نمط تفكيره من العمل الفردي نحو العمل الجماعي وتبني رؤية تنظيمية أوسع”.

ثانيًا، يشدد الخبراء على أهمية طلب التوجيه من قادة ذوي خبرة. وجود مرشد مهني يساعد في تجاوز الصدمات الأولية المرتبطة بتغيير الدور. ويؤكد رشيد بنعيسى، مدير الموارد البشرية في قطاع الاتصالات، أن “المرافقة والتوجيه من طرف مدير أو إطار إداري مخضرم يمكن أن تختصر سنوات من التعلم بالتجربة والخطأ”.

ثالثًا، يُعتبر بناء شبكة علاقات مهنية قوية داخل المؤسسة وخارجها عنصرًا محوريًا للنجاح في الأدوار الإدارية. التواصل الفعّال مع الإدارات الأخرى، والقدرة على خلق توافقات وتحفيز التعاون، تعد من بين المهارات الأساسية التي يفتقدها العديد من الأطر التقنية عند أول انتقال إداري لهم.

إلى جانب ذلك، تنصح مراكز الاستشارة المهنية الأطر التقنية في المغرب بعدم التخلي عن كفاءاتهم التقنية بالكامل، بل باستثمارها كميزة تنافسية داخل الفريق الإداري. فالفهم العميق للمنتج أو الخدمة يظل قيمة مضافة في عمليات اتخاذ القرار الاستراتيجي.

أخيرًا، يشير الخبراء إلى أن التحلي بالصبر وتقبل التعلم التدريجي هما مفتاحا النجاح في هذا المسار. فالانتقال من دور تقني إلى إداري ليس مجرد تغيير في اللقب الوظيفي، بل هو انتقال ثقافي ومهني يتطلب وقتًا، ومرونة ذهنية، واستعدادًا دائمًا لاكتساب مهارات جديدة.

وفي ظل التطور الرقمي والهيكلي الذي تعرفه العديد من القطاعات المغربية، يتزايد الطلب على أطر تجمع بين الكفاءة التقنية والرؤية الإدارية. مما يجعل من هذا المسار المهني فرصة واعدة لكل من يسعى إلى تطوير مسيرته المهنية في سوق العمل المغربي.

المصدر : فاس نيوز ميديا