كيف تحضر نفسك للعمل في بيئات عمل سريعة التغير في المغرب ؟

في عالم يشهد تحولات متسارعة مدفوعة بالتقدم التكنولوجي والعولمة، لم تعد بيئات العمل المستقرة والمتقلبة هي القاعدة، أصبح التغيير المستمر هو السمة الغالبة، والمغرب ليس استثناءً، فمع تسارع وتيرة الابتكار والتحولات الاقتصادية، يواجه المهنيون المغاربة تحديًا حقيقيًا : كيف تحضر نفسك للعمل في بيئات عمل سريعة التغير؟ خبراء عالميون ومحليون يؤكدون أن المفتاح يكمن في مزيج من التعلم المستمر، المرونة، وتطوير المهارات المستقبلية.

و يشكل التعلم مدى الحياة حجر الزاوية في التأقلم مع التغيرات المتسارعة، “لم يعد التعليم مقتصرًا على سنوات الدراسة الأولى؛ بل أصبح ضرورة مستمرة للبقاء على صلة بسوق العمل”، تؤكد دراسة حديثة صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، تشير هذه الدراسة إلى أن ما يقرب من 50% من جميع الموظفين سيحتاجون إلى إعادة صقل مهاراتهم بحلول عام 2025 بسبب تبني التكنولوجيا الجديدة. في المغرب، حيث تتجه العديد من القطاعات نحو الرقمنة والأتمتة، يصبح اكتساب مهارات جديدة، مثل تحليل البيانات، الذكاء الاصطناعي، الأمن السيبراني، والتسويق الرقمي، أمرًا حيويًا.

و تعتبر المرونة والقدرة على التكيف من أهم السمات التي يبحث عنها أرباب العمل اليوم. “القدرة على التكيف مع الأدوار الجديدة، والتعامل مع التحديات غير المتوقعة، وتبني طرق عمل مختلفة هي ما يميز الموظفين الأكثر قيمة في بيئات العمل الحديثة”، يوضح تقرير صادر عن شركة ماكنزي آند كومباني الاستشارية العالمية، هذا يعني الاستعداد لتغيير المسار الوظيفي، أو تعلم تقنيات جديدة بسرعة، أو حتى الانتقال بين مشاريع مختلفة. في السياق المغربي، قد يعني ذلك التكيف مع أنماط العمل الهجينة، أو العمل عن بعد، أو الانضمام إلى فرق عمل متعددة الثقافات.

إلى جانب المهارات التقنية، تكتسب المهارات الشخصية أهمية متزايدة في بيئات العمل سريعة التغير. يبرز التواصل الفعال، حل المشكلات، التفكير النقدي، الإبداع، والتعاون كمهارات أساسية”، مع تزايد الاعتماد على الأتمتة، تصبح المهارات التي تتطلب تفكيرًا بشريًا فريدًا أكثر قيمة”، وفقًا لتحليل صادر عن منصة لينكد إن. هذه المهارات تمكن الأفراد من العمل بفعالية ضمن فرق، والتكيف مع التغييرات، والمساهمة بحلول مبتكرة.

بدلاً من مجرد التفاعل مع التغيير، ينصح الخبراء المهنيين المغاربة بأن يكونوا استباقيين. هذا يشمل البحث عن فرص للتعلم والتطوير، والمشاركة في مشاريع جديدة، وبناء شبكة علاقات مهنية قوية، “أولئك الذين يأخذون زمام المبادرة في تطوير أنفسهم ويظلون على اطلاع دائم بآخر التطورات في مجالهم هم الأكثر نجاحًا في التغلب على حالة عدم اليقين”، يقول الأستاذ الدكتور أحمد الصوفي، خبير الاقتصاد الرقمي بجامعة محمد الخامس بالرباط.

في الختام، فإن الاستعداد لبيئات العمل المغربية سريعة التغير يتطلب نهجًا شاملاً يركز على التعلم المستمر، تطوير المهارات التقنية والشخصية، وتبني عقلية مرنة ومبادرة. إن الاستثمار في هذه الجوانب لن يؤمن فقط المستقبل المهني للأفراد، بل سيعزز أيضًا القدرة التنافسية لسوق العمل المغربي ككل.

المصدر : فاس نيوز ميديا