يواصل المغرب ترسيخ مكانته كفاعل إقليمي في مجال التعاون الدولي، من خلال تعزيز الشراكات الاقتصادية مع عدد من الدول والمنظمات العالمية، بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام وتنمية شاملة، وتبرز هذه الشراكات كركيزة أساسية في استراتيجية المملكة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتطوير البنيات التحتية، وتعزيز التنافسية الاقتصادية.
و تشير معطيات البنك الدولي لسنة 2023 إلى أن المغرب استطاع الحفاظ على جاذبيته الاستثمارية بفضل استقراره السياسي وإطلاقه لعدد من الإصلاحات الهيكلية، مما جعل منه وجهة مفضلة للمستثمرين الدوليين، لاسيما في مجالات الطاقة المتجددة، والصناعة، واللوجستيك، كما نوه تقرير صادر عن منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية (OECD) بالدور المحوري الذي تلعبه الاتفاقيات الدولية التي يبرمها المغرب في تحديث الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على الصمود أمام الأزمات.
و تعد الطاقات المتجددة من أبرز المجالات التي استفادت من هذه الشراكات، حيث تمكن المغرب من تطوير مشاريع كبرى في مجال الطاقة الشمسية والريحية بشراكة مع دول مثل ألمانيا، التي دعمت مبادرات المملكة في إنتاج الهيدروجين الأخضر. كما تساهم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) عبر برنامج “Power Africa” في تمويل وتطوير مشاريع البنية التحتية الكهربائية.
إلى جانب البعد الاقتصادي، تسهم الشراكات الدولية في تعزيز القدرات البشرية والمؤسساتية، من خلال برامج تعاون مع الاتحاد الأوروبي والعديد من الدول الآسيوية، التي تهدف إلى نقل الخبرات، ودعم التعليم العالي، وتطوير التكوين المهني، وتحديث الإدارة المغربية.
ورغم الإيجابيات التي تحققها هذه الشراكات، إلا أن تقارير دولية، من بينها تقارير صادرة عن صندوق النقد الدولي، تحذر من مخاطر الاعتماد المفرط على الشركاء الخارجيين، وتشدد على ضرورة دعم النسيج الاقتصادي المحلي، خاصة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، لضمان تحقيق تنمية متوازنة وشاملة.
في ضوء هذه المعطيات، تبرز الشراكات الدولية كمكون محوري في الرؤية الاقتصادية للمغرب، التي تقوم على تنويع مصادر النمو وتعزيز الانفتاح على الاقتصاد العالمي، مع السعي نحو تحقيق توازن بين الاستفادة من الدعم الخارجي وتطوير الإمكانيات الذاتية الوطنية.
المصدر : فاس نيوز ميديا